عمر خيرت: أكثر ما يؤرقني هو طابور العيش والناس الغلابة

محيط – مروة حمزة


<td width=1>
استضافت الإعلامية الشهيرة منى الشاذلي الموسيقار الكبير عمر خيرت ليلة الاثنين في حلقة مميزة من برنامجها اليومي " العاشرة مساء " الذي يعرض على فضائية "دريم "، ووصفت الشاذلي مناخ اللقاء مع " عمر خيرت " بأنه "أوبريت جميل" .
واللقاء لم يكن في استوديوهات "دريم" ، ولكنه كان على غير العادة في "دار الأوبرا المصرية " حيث الآلات الموسيقية والجو الكلاسيكي الهادئ والراقي الذي يناسب الحوار .
وقدمت منى الشاذلي الموسيقار " عمر خيرت " بأنه يعد سفير مصر الحقيقي في الخارج ، بقولها " إن الأشخاص الذين يجيدون عملهم ويتقنوه هم سفراء هذا البلد الحقيقيين وليس الأشخاص الذين يجيدون التصريحات ".
وكان رد الموسيقار " عمر خيرت " أكثر لباقة ورقة بقوله : " لو أنا واحد من هؤلاء السفراء سأكون سعيد جداً " .. .. .. وهنا بدأ الحوار الرقيق ليس بالكلمات ولكن بعزف " عمر خيرت " لمقطوعته الرائعة " الدعاء " التي كانت تذاع قبل آذان المغرب في شهر رمضان الكريم في فترة الثمانينات وكانت مصحوبة بصوت سيدة الشاشة العربية الفنانة الكبيرة " فاتن حمامة " المتزامن مع مدفع الإفطار .
وبعد عزف المقطوعة الرائعة ، توجهت الشاذلي بسؤالها :" ما أكثر شيء يؤرقك ويقلقك كموسيقي ؟ وهنا رد " عمر خيرت " بإجابة غير متوقعة وخارجة عن موضوع الحوار، قائلاً :" أكثر ما يؤرقني ليس حال الموسيقى ولكن حال هذا البلد ، وطوابير "رغيف العيش "، هنا فوجئت المذيعة بالإجابة وقالت :" معقول هذا ما يؤرقك كموسيقي كبير " أزمة رغيف العيش "، وضحكت وقالت : " لهذا بدأت بعزف مقطوعة "الدعاء " فهل كانت هذه المقطوعة من أجل طابور العيش !!، فضحك خيرت وقال :" حقيقي أكثر ما يقلقني هم الناس الغلابة وأحوال الناس في مصر عموماً ، فهذا البلد عظيم وشيء مؤسف أن يكون رغيف العيش هو الذي يوجع الناس في هذه الأيام ".. وتلاحقه الشاذلي بسؤالها :" إذاً وطالما خرجتنا من موضوع الحلقة ، فكيف تحلل ظاهرة طابور العيش ؟!!
فقال الموسيقي الكبير " لا أعتقد أن مصر بعظمتها وحجمها ممكن أن يصل بها الأوضاع إلى مشكلة أو أزمة كأزمة رغيف العيش ، وأنا متفائل بطبعي وأشعر أن هذه الأزمة ستزول قريباً " ، وتقطع الشاذلي كلامه بقولها : " ولكن لم تقل لنا أين المشكلة في الناس أم الأوضاع أم المسئولين ، أم بسبب كثرة عددنا ، ولكن أيضاً الصين والهند وبلاد كثيرة بها كثافة سكانية وليست لديهم مشكلة أزمة رغيف العيش؟!! فيرد خيرت : " في كل ما قلتيه ، ولا أعتقد أن مصر ممكن أن نقارنها ببلد أخر كالصين أو الهند مثلاً ، نعم فيهم كثافة سكانية كبيرة جداً ، لكن ظروف مصر مختلفة عن أي بلد آخر ، بسبب الحروب التي مرت بها وثورة يوليو التي غيرت أوضاع البلد كلها ،وتحول البلد من نظام ملكي لجمهوري ، كل هذه الأسباب تجعل مصر مختلفة عن أي بلد ، وهذه الأسباب جعلت الشعب يريد أن يرتاح ، فأنا أرى المشكلة في شعبنا الذي يعيش فترة خمول وسكون ، فنحن تعرضنا لفترات هدم أثناء الحروب والآن نحن في مرحلة السكون والراحة ، وآمل أن يعقبها مرحلة بناء ، فأنا عندي أمل في الشعب المصري بأنه مكافح وقوي وقريباً سيثور على سكونه هذا بالعمل والجهد من أجل هذا الوطن العظيم " .
وتستطرد منى الشاذلي حوارها وتسأله : " رغم أنك سافرت كثيراً للخارج ، ألم تفكر في أن تأخذ جنسية أخرى بجانب الجنسية المصرية ؟!! وهنا يرد عليها بإجابة سريعة بقوله : بالطبع لا ، ولا أحلم بجنسية أخرى غير جنسية بلدي ، نعم كان أمامي فرص كثيرة للحصول على جنسية أجنبية لكني رفضت ، لأني أحب أن أكون فقط مصرياً ، وفي كل حفل لي في خارج أعرف كل الحضور بأني وفرقتي مصريين .
وهنا يتوقف الحوار بسبب فاصل إعلاني وبعد العودة ، يعزف خيرت مقطوعة موسيقية كانت الموسيقى التصويرية لفيلم " قضية عم أحمد " ، وبعد الانتهاء من العزف ، تسأله المذيعة عن بدايته فيشير إلى أن بدايته كانت من خلال العزف على آلة الدرامز، ،ولكن أسرته رفضت أن يكون عازفاً للدرامز وأن يعزف على البيانو مثل عمه الموسيقار " أبو بكر خيرت" ومن هنا درس البيانو ودرس الممؤلفات الموسيقية العالمية لبيتهوفن وباخ وموتسارت وأيضاً مؤلفات الموسيقار محمد عبد الوهاب الموسيقية والأصبجي والسنباطي .
وهنا تسأله المذيعة : هل تختلف الموسيقى التصويرية في الأفلام عن تترات المسلسلات ؟ فيجيب : بالطبع فالمخرج في الفيلم هو المايسترو والقائد ،وعندما يطلب مني عمل موسيقى تصويرية لأحد الأفلام لابد أن أجلس مع المخرج وأقرأ ملخص للسيناريو كي أعرف طبيعة الفيلم وشخصية البطل حتى بدأ أنا في وضع تخيل للموسيقى المناسبة للفيلم .
وحول سؤال : لماذا لا يفكر في أن يعمل سيمفونيات خاصة بالأوبرا ؟
يقول : أنا عملت أعمال سيمفونية غير الأوبرا ، لأن ليس عندنا أوبرا ، نعم نطلق عليها دار الأوبرا ولكنها مركز ثقافي وليست أوبرا ، فنحن كموسيقيين الذين تمسكنا بوضع كلمة أوبرا بين قوسين لأن مصر من أوائل البلاد التي كان فيها الأوبرا ، فهنا الشعب معتاد على سماع الأغنيات منذ أم كلثوم وعبد الوهاب ولم يعتد بعد بدخول مرحلة سماع الموسيقى الخالصة ،فنحن كشعب لم نصل لهذه المرحلة حتى الآن .
وتتابع المذيعة : وبالنسبة للمسرح لم تعمل أوبرتات مسرحية ، وأيضاً الأغاني التي لحنتها معدودة على الأصابع ، لماذا ؟ قريباً سأدخل في تجربة مع المخرج شريف عرفة حول عمل مسرحي استعراضي ،وأتمنى أن تنجح هذه الفكرة وتتحول لحقيقة ، وبالنسبة للأغاني ، فأنا لحنت بعض الأغنيات لعلي الحجار ومنها أغنية " عارفة " ، ولكن قلة تلحيني للأغنيات ،يرجع كما قلت أني أحب أن يكون أكرس نفسي فقط للموسيقى ، والموسيقى الخالصة ، أحب أن أدرب الناس على سماع الموسيقى فقط وليس الأغاني ، ونجحت في جذب أعداد كبيرة من الشباب الذين يحضرون حفلاتي ، وأسعد كثيراً أن أرى القاعة بها جمهور كبير من الشباب لأنهم هم الأمل والمستقبل لهذا الفن الراقي .
وعن السينما إذا كانت أفادته، يقول الموسيقار الكبير : " لقد أفادتني السينما كثيراً ، فهي جعلتني أعمل موسيقى جيدة ، وشهرتني وعرفت الجمهور بي ، فلها فضل كبير علي ، ومن الناحية المادية ، فهم يصرفون كثيراً على الموسيقى ويقدرونها ، وهنا تقاطعه الشاذلي وتسأله : هل الموسيقى فلوسها كثيرة ؟ فيجيب بصراحة : طبعاً ، فالحفلات بيكون فيها فلوس كثيرة ، وخاصة الحفلات التي أقيمها في الخارج ، وأيضاً الموسيقى التصويرية للأفلام والمسلسلات ، فالناس أصبحت تقدر الموسيقى وتعرف قيمتها ويدفعون لي بسخاء .
وعن أفضل موسيقى تصويرية أحبها في السينما العالمية ، أشار أنه يفضل موسيقى فيلم المصارع وأيضاً فيلم " قصة حب " ، أما بالنسبة للأفلام العربية فقال إنه يفضل موسيقى الأفلام العربية القديمة ، أما الأفلام الحديثة فهو غير متابع لها بشكل جيد.
وحول أشهر وأهم حفلاته الموسيقية في الخارج ، يقول " عمر خيرت : كانت أهم حفلة لي هي التي أقمتها في أسبانيا ، حيث امتزجت الموسيقى الشرقية بالغربية ، لأنها كانت حفلة مشتركة مع الاوركسترا الغربية ، وكانت في ميدان كبير بمدينة مرسيه الأسبانية وحضرها عشر آلاف متفرج ، وتجاوب معي الحضور بشكل لم أكن أتصوره ، وقد كتبت المجلات والجرائد العالمية عن هذه الحفلة ،وعرفت كل من حضر الحفل بأني وفرقتي مصريين .

وتفاجئ المذيعة ضيفها بسؤالها : لماذا تدخن ، ففي كل فاصل إعلاني تدخن سيجارة ، فأنت مدخن شره جداً ، رغم أنك قمت بتغيير 4 شرايين القلب ؟ فرد قائلاً : " نعم ، للأسف إنها عيب خطير ولا أستطيع التوقف عنه ، وبالعكس أنا أحاول أن أخفف من تدخين السجائر ، فأنا كنت أدخن علبتين يومياً ، لكني الآن أدخن علبة واحدة في اليوم ، وأحاول أن امتنع عنها خاصة بعد عملية تغيير الشرايين التي أجريتها من أربع سنوات ، وربما أتوقف عنها تماماً في وقت قريب .
وهنا يعزف الموسيقار الكبير المقطوعة الموسيقية الخاصة بمسلسل " مسألة مبدأ " وكانت كلمات الأغنية للمؤلف الكبير " عبد الرحمن الأبنودي " وغناها المطرب " علي الحجار ". وبعد انتهائه من العزف ، تسأله المذيعة : ما الذي تتمناه ؟ فيقول : أتمنى أن ألحن للسيدة فيروز ، فأنا أحلم بأن تأتني فرصة للتلحين لها ، وهذا سيكون شرف عظيم لي .
وقبل ختام منى الشاذلي لحوارها مع الموسيقار الكبير "عمر خيرت" سألته : في الطائرة وفي الفنادق والتليفون يضعون موسيقى " عمر خيرت " هل تحصل على حقك المادي من وراء هذا ؟ فيجيبها : أبداً ، لا أحصل على أي حقوق مادية ، والبعض نصحني بأن أرفع قضية لكسب حقوقي ،ولكني رفضت ،وعلى العكس أنا سعيد لأن معنى هذا أن الناس تسمع لعمر خيرت وتحب موسيقى عمر خيرت وهذا يكفيني، ولهذا تنازلت عن حقي المادي .
وينتهي الحوار بعزف الموسيقار الكبير " عمر خيرت " للمقطوعة الموسيقية العالمية الشهيرة "العرافة" ويحكي حكايتها بأنها سيدة تعمل "عرافة " وتملك محل أو مخزن به برطمانات كل برطمان فيه عطر معين مثل الياسمين والعنبر والبنفسج وغيره من العطور ،وكل برطمان يخرج منه " راقصة باليه " لتعرف بالعطر الذي به .. وهنا تنهي أنامل المايسترو الكبير "عمر خيرت" الحوار بالعزف على البيانو المقطوعة الشهيرة " العرافة " لتصبح الحلقة كما وصفته " منى الشاذلي في البداية " أوبريت موسيقي جميل ورقيق " .